المخصصات

وفي الحقيقة، فإنه يمكن النظر إلى المخصص، على أنه يمثل عبئاً تحميلياً على الإيرادات، يجب أخذه في الاعتبار، قبل الوصول لصافي نتيجة أعمال الفترة الماليـة. ولا يشترط تحقيق الأرباح لتكوين المخصصات، ذلك أن الربح لا يعتبر مصدرا من مصادر تكوين المخصصات، مما يعني وجوب الاستمرار في تكوين المخصصات، بغض النظر عن نتيجة أعمال المنشأة، من ريح أو خسارة. ويلاحظ أنه يتم تكوين المخصصات، لمقابلة النقص في قيمة الأصول، أو لمقابلة الالتزامات، مؤكدة الحدوث، ولكنها غير محددة القيمة بدقة، بمعنى أن المخصص إنما هو عبارة عن عبء يحمل على إيرادات الفترة المالية، لمواجهة نقص في قيمة أصل من أصول المنشأة، أو مواجهة التزام على المنشأة، أو لمواجهة أية أعباء أو خسائر تكون قد حدثت فعلا، غير أنها غير محددة المقدار على وجه اليقين والدقة، أو لمواجهة أعباء أو خسائر مؤكدة الحدوث، غير أنها غير محددة المقدار على وجه اليقين والدقة (أي لا يمكن تحديد قيمتها بدقة).

المخصصات

المخصصات

أنواع المخصصات

وتنقسم المخصصات إلى نوعين رئيسين:

1. مخصصات تقويمية: وهي تلك المخصصات التي يتم تكوينها، بهدف إظهار الأصول بالقيمة السليمة في قائمة المركز المالي، وذلك مثل: مخصصات الإهلاك، والتي يتم تكوينها بهدف تحميل الفترة المالية، بأعباء إهلاك الأصول الثابتة التي حدثت بالفعل خلال الفترة ولكن يشوب تحديد مقدارها عدم التأكد، وكذلك المخصصات التي يتم تكوينها بهدف أخذ قيمة النقص الذي حدث على قيمة الأصـول المتداولة أو المؤكد حدوثه مستقبلاً، ولكنه غير محدد القيمة على وجه اليقين، مثل: مخصص الديون المعدومة، ومخصص هبوط أسعار البضاعة، ومخصص هبوط أسعار الأوراق المالية.

2. مخصصات التزامات: وهي تلك المخصصات التي يتم تكوينها، بهدف تحميل حسابات النتيجة بكافة الالتزامات الخاصة بالفترة المالية الحالية، ولكنها سوف تتحقق بشكل قاطع في السنة المقبلة، وذلك مثل: مخصص الضرائب المتنازع عليها، ومخصص التعويضات القضائية، ومخصص التأمين الداخلي، حيث تظهر تلك المخصصات في قائمة المركز المالي، ضمن مجموعة الالتزامات قصيرة الأجل، في جانب الخصوم بقائمة المركز المالي.

ويؤثر تكوين المخصصات على كل من رقم نتيجة الأعمال الخاص بالفترة الحالية، (وذلك انظراً لكونها أعباء تستقطع من إيراد الفترة المالية)، وعلى مدى دلالة قائمة المركز المالي عن حقيقة المركز المالي للمنشأة في تاريخ إعدادها ( حيث أنها تظهر ضمن جانب الأصول مخصومة من الأصول المتعلقة بها، كما يظهر بعضها في جانب الخصوم بقائمة المركز المالي).

أمثلة المخصصات

1- مخصص هبوط أسعار بضاعة

جرى العمل في تقويم المخزون السلعي في نهاية الفترة المالية، على تطبيق قاعدة (سعر التكلفة أو سعر السوق أيهما أقل)، وذلك ما لم يوجد ما يبرر الخروج عن هذه القاعدة. وقد اعتاد المحاسبون على تحديد السعر الأقل للمخزون السلعي، على أن يتم إظهاره في حسابات النتيجة، وقائمة المركز المالي، بهذا السعر.

وعلى الرغم من ذلك، وتطبيقاً لسياسة الثبات، فإن العديد من منشآت الأعمال، تقوم بتقويم المخزون السلعي، بحيث يظهر بالقوائم المالية بسعر التكلفة باستمرار، مع تكوين مخصص لهبوط الأسعار، في حالة انخفاض سعر السوق لهذا المخزون عن سعر التكلفة، حيث يتم تحميل حسابات النتيجة بهذا الفرق، على أن يتم تحميل هذا المخصص فيجب أن على حساب المتاجرة.

وفي السنوات التالية، يتم تعديل هذا المخصص بالزيادة أو النقصان، حسب ما يكون عليه الحال،  وترتيباً على ما سبق، فإننا يمكننا أن ننظر إلى مخصص هبوط أسعار البضاعة، على أنه يمثل القيمة التي يتم تحميلها على حسابات نتيجة الأعمال، مقابل النقص مؤكد الحدوث، غير مؤكد المقدار، في سعر السوق للمخزون السلعي، عن سعر التكلفة، والذي لا يمكن تحديد قيمته بدقة وقت تكوين المخصص. ويميل العديد من الكتاب والمهتمين بعلم المحاسبة، إلى إتباع طريقة تكوين مخصص مقدار الهبوط في سعر المخزون السلعي، حيث أنها تتمشى مع طبيعة الانخفاض في سعر السوق للبضاعة، حيث يرون أنه انخفاض غير مؤكد، الأمر الذي يفضل معه عدم إدخاله في الحسابات مباشرة، بل تكوين مخصص بقيمته.

2- مخصص هبوط أسعار استثمارات مالية

يقصد بالاستثمارات المالية كل ما تمتلكه المنشأة، من أسهم أو أذون خزانة، أو غيرهما من الأوراق المالية التي تقتنيها المنشأة، بغرض تحقيق السيطرة على منشآت أخرى، أو بغرض الحصول على العائد المتوقع من ورائها، أو غير ذلك من أسباب. ويلاحظ هنا أن الاستثمارات نوعان: 

  1.  استثمارات مؤقتة: وهي تلك الاستثمارات التي تقتنيها المنشأة، بهدف استثمار أموالها فيها بصفة مؤقتة، وتعتبر هذه الاستثمارات من الأصول المتداولة. 
  2. استثمارات تقتنيها المنشأة للاحتفاظ بها بصفة شبه مستمرة، إما يحكم الفات ون، أو تحقيقا لأغراض إدارية معينة، وتعتبر هذه الاستثمارات من الأصول شبه الثابتة.

ويلاحظ فيما يتعلق بتقويم الاستثمارات المالية، أن الأمر يختلف تبعاً لطبيعة الاستثمارات، حيث يتم تقويم الاستثمارات التي تعتبر أصولاً شبه ثابتة، بالتكلفة باستمرار، ما لم تتعرض قيمتها لنقص مستمر، و نهائي، ومؤكد، مما يستلزم ضرورة إعادة تقييمها، وأخذ الانخفاض في قيمتها السوقية في الحسبان.

بينما يتم تقويم الاستثمارات المالية التي تعتبر أصولاً متداولة - وفقاً لسياسة الحيطة والحذر - بسعر التكلفة أو سعر السوق أيهما أقل، الأمر الذي يعني ضرورة أخذ الانخفاض في قيمتها السوقية في الحسبان وقت إعداد الحسابات والقوائم الختامية. حيث يتنازع أمر كيفية أخذ هذا الانخفاض في الحسبان، وجهتان نظر: 

  1. وجهة النظر الأولى: وترى تخفيض قيمة الاستثمارات مباشرة، بمقدار الانخفاض، بحيث يظهر الرصيد بالدفاتر و بقائمة المركز المالي بالسعر الأقل مباشرة. غير أنه يعيب هذه الطريقة، أن الانخفاض في قيمة الاستثمارات لم يتحقق بصورة قطعية، كما أن مقداره غير محقق بعد على وجه اليقين، مما يجعل تخفيض قيمة الاستثمارات بمقداره مباشرة، غير سليم على إطلاقه. 
  2. وجهة النظر الثانية: وترى أن رقم تكلفة الاستثمارات، يجب عدم تعديله، على أن يتم تكوين مخصص لهبوط أسعار أوراق مالية ( بمقدار النقص في سعر السوق، عن سعر التكلفة) بحيث يحمل على حسابات النتيجة، ويظهر مخصوما من قيمة تكلفتها بقائمة المركز المالي. على أن يتم تعديل قيمة هذا المخصص سنويا، على أساس التغيير في القيمة السوقية للاستثمارات في نهاية كل سنة.

وترتيباً على ما سبق، فإننا يمكننا النظر إلى مخصص هبوط أسعار الأوراق المالية، على أنه يمثل قيمة النقص مؤكد الحدوث، غير مؤكد المقدار، والذي تتعرض له أسعار تكلفة الاستثمارات المالية التي تعتبر أصولا متداولة.

3- مخصص الديون المعدومة

يمكن تعريف مخصص الديون المعدومة، على أنه ذلك العبء التقديري الذي يتم تحميله على حسابات النتيجة، لمقابلة المبالغ المستحقة على بعض المدينين، والتي تحققت المنشأة من عدم إمكانية تحصيلها بالكامل منهم، غير أنه لم يتحدد بصورة قطعية مقدار ما سيلحق بالمنشاة من خسارة، نتيجة لذلك بشكل دقيق.

أي أن مخصص الديون المعدومة، يتم تكوينه لمقابلة نقص مؤكد الحدوث في أرصدة العملاء، نتيجة توقف بعض العملاء عن سداد الديون المستحقة عليهم للمنشاة في تاريخ استحقاقها، غير أنه لا يمكن تحديد مقدارها بدقة، بسبب عدم انتهاء إجراءات التفليسة بعد، بمعنى أن هناك خسارة مؤكدة الحدوث، ولكنها غير معلومة المقدار، حيث أن مقدارها يتوقف على المركز المالي للعميل المفلس، والضمانات المقدمة منه. ويلاحظ في السنوات التالية لتكوين مخصص الديون المعدومة، توافر طريقتين لمعالجة الديون المعدومة فعلاً: تقوم الطريقة الأولى على أساس إقفال الديون المعدومة مباشرة، في حساب الأرباح والخسائر، بينما تقوم الثانية على أساس إقفال الديون المعدومة، في حساب مخصص الديون المعدومة، مع تعديل قيمة المخصص في نهاية كل فترة مالية، وتعتبر هذه الطريقة هي الطريقة الأفضل. حيث إنها تتمشي مع طبيعة المخصص والهدف من تكوينه. 

هذا ويلاحظ اختلاف الهدف من تكوين مخصص الديون المعدومة، عن الهدف من احتجاز احتياطي للديون المشكوك فيها: حيث يتم تكوين مخصص الديون المعدومة، عن الديون التي يستحيل تحصيلها بالكامل (أي أن واقعة استحالة تحصيلها محققة الحدوث)، غير أنها لم تتحدد بعد بشكل قاطع، وذلك بهدف تحميل إيرادات الفترة المالية، بتلك الخسارة المؤكدة، والتي تخص الفترة المالية الحالية. أما الهدف من تكوين احتياطي للديون المشكوك فيها، فيتمثل في الاحتياط ضد احتمالات إصابة المنشأة بخسائر، من جراء التوقع الطبيعي، باحتمال توقف بعض المدينين عن سداد التزاماتهم.

ومن الواجب أن يتم تحديد مبلغ المخصص، بأقصى قدر من الحذر والدقة، حيث يجب أن تفحص كافة الظروف التي تحيط بعنصر المدينين المطلوب تكوين المخصص عنه، حيث يجب دراسة المركز المالي للعميل بدقة تامة، وكذلك فحص تاريخ معاملاته السابقة مع المنشأة، وما إلى ذلك من أمور يمكن أن يعتمد عليها، في التحقق من استحالة تحصيل الدين. أما إذا رأت المنشأة أن خبرتها الماضية، تكشف أن نسبة من المدينين، يتوقفون عادة عن السداد، وأنها يجب أن تحتاط لمثل هذا الأمر، فإن ذلك يكون عن طريق تكوين احتياطي للديون المشكوك في تحصيلها، وليس عن طريق تكوين مخصص للديون المعدومة.

4ـ مخصص الضرائب

تفرض الدولة على المنشآت المختلفة ضريبة واجبة الأداء، وهي الضريبة الموحدة على إيرادات النشاط التجاري والصناعي، والتي لا يمكن تحديدها على وجه الدقة في نهاية السنة المالية التي تستحق عنها، إلا أنها مؤكدة الحدوث بمجرد تحقيق الأرباح، فغالباً ما تقوم مصلحة الضرائب بإجراء تعديلات على الربح المحاسبي المعد طبقا لقواعد المحاسبة المتعارف عليها، والذي قد يتعارض مع قواعد القانون الضريبي، وتعليمات مصلحة الضرائب، الأمر الذي يجعل الوعاء الضريبي محل جدل بين المنشاة، وبين مصلحة الضرائب، ولا يمكن التحقق منه بشكل قاطع وقت إعداد حسابات نتائج الأعمال، والمركز المالي للمنشأة. ولذلك فإن المنشأة تضطر إلى القيام بتكوين مخصص للضرائب بالقيمة المتوقعة، حيث يحمل هذا المخصص على حساب الأرباح والخسائر، ويظهر بقائمة المركز المالي، ضمن مجموعة المخصصات بجانب الخصوم، بمعنى أنه ليس هناك خيار أمام المنشأة لتحميل الفترة المالية الحالية، بمقدار ضرائب الأرباح المستحقة، سوي أن تلجأ إلى تكوين مخصص للضرائب، بالمبلغ الذي تراه أكثر احتمالاً من وجهة نظرها، وأن يجري تحميله على حسابات النتيجة وفقا لهذا، على أنه حينما يتم الاستقرار في السنة التالية أو ما بعدها على مبلغ الضريبة مستحق الأداء، فإنه يتم إقفاله في حساب مخصص الضرائب. 

5- مخصص التأمين الداخلي

تقوم أسس الرقابة الداخلية على الأصول الثابتة والمخزون السلعي، على أساس ضرورة التأمين عليها بالمبالغ الكافية ضد المخاطر المختلفة، التي قد تتعرض لها خلال حياتها، والتي قد تسبب خسائر للمنشأة، بحيث يتم تحويل الخسارة إن حدثت إلى شركة التأمين بدلا من أن تتحملها المنشأة. غير أن بعض منشات الأعمال في الواقع العملي، تفضل - بدلاً من التأمين لدى إحدى شركات التأمين - أن تلجأ إلى تكوين مخصص، لمقابلة هذه الخسائر، وهوما يعرف بمخصص التأمين الداخلي، حيث ترحل إليه بصفة دورية، المبالغ التي تراها الإدارة بديلاً لأقساط التأمين، على أن تستخدم الأموال المتجمعة في هذه المخصص، في تغطية أية خسائر نصيب هذه الأصول.

هذا، ويشترط عند اتخاذ إدارة المنشاة، لقرار تكوين مخصص التأمين الداخلي على الأصول، مجموعة من الشروط التي تعمل على حماية المركز المالي للمنشأة، ومن أهم هذه الشروط: 

  1. أن يكون المركز المالي للمنشأة قوي بدرجة كافية، تسمح للمنشأة أن تستوعب أية خسائر قد تلحق بها، وخاصة إذا حدثت في الفترة الأولى من عمر هذا المخصص 
  2.  أن يكون حجم الأصول المعرضة للمخاطر كبيراً، بحيث يكون مبلغ التوفير في أقساط التأمين، التي كان يمكن أن تدفع لشركة التأمين كبيراً، مما يوازن المخاطرة التي تأخذها المنشأة على عاتقها باللجوء إلى وسيلة التأمين الداخلي، بدلاً من التأمين الخارجي لدى إحدى شركات التأمين. 
  3. أن تكون هذه الأصول موزعة جغرافيا، بحيث تقل احتمالات تعرض هذه الأصول لخسارة شاملة.
  4. أن تستخدم المنشأة الوسائل الكفيلة بالحفاظ على هذه الأصول، وتقليل احتمالات تعرضها للمخاطر.

هذا ويفضل في حالة استقرار إدارة المنشأة على تكوين هذا المخصص، أن تلجأ لاستثمار مقابله في استثمارات خارجية، لكي يسهل توفير السيولة النقدية، وقت حدوث أية خسائر للأصول، مما يعمل على سرعة الإصلاح أو التجديد، دون أن تتعرض إلى التأثير على رأس المال العامل المستثمر، أو اضطرار المنشأة لتصفية بعض أصولها بخسارة، إذا ما كانت قد تركت الأموال المقابلة لهذا المخصص للاستثمار الداخلي. أما فيما يتعلق بالأرباح الناتجة عن هذا الاستثمار الخارجي للمخصصات، وكيفية معالجة أية أرباح أو خسائر تنتج عند تصفية هذه الاستثمارات، فإن المعالجة المحاسبية السليمة هنا، تقتضي ترحيل الأرباح الدورية إلى حساب المخصص مباشرة، وعدم اعتبارها من الإيرادات التي ترحل إلى حسابات النتيجة، وكذلك ترحيل أية أرباح أو خسائر، ناتجة عن بيع الاستثمارات إلى حساب المخصص، أما بالنسبة للخسائر الناتجة عن تلف الأصول، فإنها تقفل في حساب المخصص.


مصدر التدوينة : كتاب قضايا معاصرة فى المراجعة و حوكمة الشركات تأليف كلاً من د/ عبد الله عبد السلام , د/ خالد عبد المنعم (كلية التجارة - جامعة القاهرة).
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-