نتناول أسلوب التكاليف المستهدفة Target Costs (TC)، من حيث التعريف و أهمية التكاليف المستهدفة فى الصناعة و التساؤلات المتعلقة بإدارة التكلفة المستهدفة (Target Costs Management, TCM).
التكلفة المستهدفة
ظهرت أهمية التكاليف المستهدفة فى الصناعات التجميعية أكثر من ظهورها فى الصناعات التشغيلية فى الشركات الإنتاجية اليابانية، خاصة فى مجالات تصميم المنتج و تخطيط الإنتاج للأنشطة ماقبل الإنتاج و مع ذلك ظلت التكاليف المعيارية هي الأسلوب الفني الناجح فى الصناعات التشغيلية الكبيرة.
يطلق بعض الكتاب أحيانا علي التكاليف المستهدفة "تخطيط التكلفة" أو بمقايسة تكاليف مشروع معين و هي باعتبارها أسلوب تخطيطي تعني التحسين المستمر للتكلفة باستخدام مفهوم الإدارة الأهداف و هي تعتبر أحد أساليب إدارة التكلفة بهدف خفض تكاليف المنتج، و التشغيلية و المرحلة الإنتاجية طوال دورة حياة المنتج بدءاً من أنشطة البحوث و التسويق و تصميم و تخطيط المنتج ,مروراً بالنشاط الإنتاجي، و ما بعد الإنتاج من تسويق توزيع و خدمات ما بعد البيع للمستهلكين خلال فترة الضمان.
الفروق بين التكاليف المستهدفة و التكاليف المعيارية
نستعرض الفروق من خلال 4 نقاط:
- التكاليف المستهدفة: الصناعات التجميعية ذات الإنتاج المتنوع.
- التكاليف المعيارية: الصناعات التشعيلية ذات الإنتاج المستمر.
2- نوع الأنشطة المطبق بها
- التكاليف المستهدفة: يفضل فى مرحلة ما قبل الإنتاج تصميم و تخطيط المنتج.
- التكاليف المعيارية: يفضل في مرحلة النشاط الإنتاجي.
3- الهدف منها
- التكاليف المستهدفة: تخطيط التكلفة بهدف ضبطها و خفض التكاليف.
- التكاليف المعيارية: رقابة التكلفة بهدف ضبطها و خفض التكاليف.
4- الأساليب المستخدمة
التكاليف المستهدفة: استخدام هندسة القيمة و الأساليب الهندسية الأخري.
التكاليف المعيارية: أستخدام تحليل التكاليف و الأساليب الكمية الأخري.
إعداد التكلفة المستهدفة
توجد ثلاث طرق لإعداد التكاليف المستهدفة هي:
1- اشتقاق التكاليف المستهدفة من تخطيط الربح Profit Planning
أي بمعلومية سعر البيع التنافسي الذي يتحدد من قبل المتنافسين فى السوق بمعلومية هامش الربح المستهدف الذي يتحدد من قبل المنشأة و الذي ارتضته لنفسها , يمكن تحديد التكاليف المستهدفة أو علي أقل تقدير التكاليف المسموح بها Allowable Costs , أي تتخذ المنشأة من الظروف الخارجية و توجهات السوق مدخلاً لتحديد التكاليف المستهدفة Market Driven Costs و لذا يقال عن هذه الطريقة أن التخطيط من اعلي لأسفل .
2- اشتقاق التكاليف المستهدفة من التخطيط الهندسي Engineering Planning
يعتمد المهندسون فى تقدير التكاليف المستهدفة على المهارات و الخبرات المكتسبة و على مقدار التسهيلات الإنتاجية المتاحة فى المنشأة، لذا يقال عن هذه الطريقة أنها تنبع من أسفل لأعلي، لأنها تعتمد علي تقدير التكاليف التي يمكن تحقيقها أولاً، ثم العمل علي تخفيضها تدريجياً للتوصل إلي التكاليف المستهدفة.
3- اشتقاق التكاليف المستهدفة بالمزج بين خصائص الطريقتين السابقتين
حيث ينبغي أن تعرف الإدارة العليا الأرباح المستهدفة، و حيث أن التعاون بين العاملين مطلوب لإعداد التكاليف المستهدفة لذا يعتقد خبراء التكاليف المستهدفة أن المزج بين الطريقتين هو أفضل طريقة للاستخدام.
وتعتمد معظم الشركات على إنشاء التكاليف المستهدفة فى مرحلة تصميم المنتج، مع بذل كل مجهود ممكن للتوصل إلى الهدف المبتغى، أما المرحلة الأخيرة فتتضمن إعداد التكاليف المعيارية في مرحلة الإنتاج، و الإجراءات الواجب أتباعها تعتمد علي:
- أ- تخطيط و تصميم منتجات عالية الجودة تقابل احتياجات المستهلكين.
- ب- إعداد التكاليف المستهدفة للمنتجات من خلال استخدام هندسة القيمة.
- ت- ولكي نصل إلي التكاليف المستهدفة فى مرحلة الإنتاج يكون عبر التكاليف المعيارية.
التكاليف المسموح بها، و التكاليف الممكن تحقيقها
يقصد بالتكاليف المسموح بها "أقصى تكلفة مسموح بها كتكلفة للإنتاج"، كما يقصد بالتكاليف الممكن تحقيقها " بالتكاليف المقدرة أعتماداً على البيانات الحالية و التي تستخدم في إعداد التكاليف المستهدفة، و يتولى المهندسون إعداد تلك التكاليف ويمكن بيان العلاقة بين التكاليف المسموح بها، و التكاليف الممكن تحقيقها من الشكل التالي:
و يتضح من الشكل السابق أن التكاليف المسموح بها تعد وفقاً لتوجهات السوق الخارجية و تحسب من المعادلة التالية:التكاليف المسموح بها = سعر البيع التنافسي - هامش الربح المستهدف
ومن تعتبر كانه أفضل أقصي تكلفة محددة فى قبل السوق الخارجية، ومن المفترض أنها الأمل المنشود الذي ينعقد علي الوصول إليها آمال المنشأة و أحلامها.
- أما التكاليف الممكن تحقيقها فهي تكاليف مقدرة تعتمد علي مدي توفر التسهيلات الإنتاجية المتاحة و التقنيات المتطورة التي تستخدمها المنشأة و هي بدورها تعتبر أفضل تكلفة محددة داخلياً من قبل المنشأة.
* المدخل الياباني
ويري Sakurai أن التكاليف المستهدفة تعد بغرض تحقيق التوازن بين المدخلين , المدخل الخارجي (السوق) و المدخل الداخلي (المنشأة) وذلك ببذل الجهود لتخفيض التكاليف الممكن تحقيقها بحذر و تدريجياً فى اتجاه التكاليف المسموح بها، حتى يتم ملء الفجوة بينها أي أن التكاليف المستهدفة هي همزة الوصل بينهما . ويفترض Sakurai أفتراضاً منطقياً مؤداه أن التكاليف الممكن تحقيقها أكبر من التكاليف المسموح بها أن اتجاه تخفيض التكاليف بأستخدام أسلوب هندسةالقيمة يكون من الأكبر للأصغر، حتى تتوازن الأمور، حيث أن التكاليف المسموح بها هي تكاليف مرغوبة Desired cost و ليست تكاليف مستهدفة Target Cost من قبل الإدارة العليا لكونها تتحدد وفقاً لقوي السوق الخارجية، علي حين أن التكاليف الممكن تحقيقها و الممكن تحريكها هي تكاليف مقدرة Estimated Cost وليست مستهدفة هي الأخري، لذلك يفترض أن التكاليف المسموح بها يتوجب أن تكون ضيقة، و أن التكاليف الممكن تحقيقها ليس لها هدف , و بالتالي تكون متسعة، ومن ثم يتضح دور التكاليف المستهدفة فى أنها تكاليف ممكن الوصول إليها Attainable Cost، لكن يصعب الوصول إليها بدون بذل جهد ملموس.
* المدخل الأمريكي
ومن الجدير بالذكر Garrison قد أفترض أن التكاليف المستهدفة هي الفرق بين سعر البيع التنافسي و هامش الربح المستهدف، أي أن مفهوم التكاليف المستهدفة وفقاً لـ Garrison قد اتفق مع مفهوم التكاليف المسموح بها وفقاً Sakurai، أي أن هناك نقطة التقاء بين الرأيين تتمثل فى أنه يمكن أن تخفض التكاليف الممكن تحقيقها تدريجياً حتي تصل إلي التكاليف المسموح بها، و هنا يحدث التطابق بين التكاليف المستهدفة و التكاليف المسموح بها.
و طالما أن أختلاف التكاليف أمر وارد كمبدأ لذا فمن المحتمل أيضا أن تتطابق التكاليف المستهدفة مع التكاليف الممكن تحقيقها أو علي أقل الفروض تقترب منها، و في تصوري أن هذا الاحتمال وارد فى حالة تضييق الفجوة بين التكاليف المسموح بها، و التكاليف الممكن تحقيقها حتي تتفق المفاهيم الثلاثة للتكلفة، و لكن يصعب فى تصوري من ناحية ثالثة أن تقل التكاليف الممكن تحقيقها عن التكاليف المسموح بها، لأن الأخيرة تعتمد علي بحوث و دراسات السوق و الميزة التنافسية التي تتمتع بها المنشأة و نوع السوق هل هو إحتكاري أم تنافسي، و غيرها من العوامل، التي تجعل من التكاليف المسموح بها أملاً منشوداً، ومن ثم تظل تلك التكلفة فى حدودها الدنيا عن نظيرتها المقدرة من داخل المنشأة.
و يتختلف تحديد هامش الربح المستهدف Target Profit من منشأة لأخري، ويفضل الاستعانة بمعدل العائد علي المبيعات ROS عند تحديد الأرباح المستهدفة و إعداد التكاليف المستهدفة، أما معدل العائد علي الاستثمار ROI فنادراً ما يستخدم فى هذا الهدف.
العلاقة بين التكاليف المستهدفة والتكاليف المعيارية
يمكن القول بقدر كبير من الحقيقة أن التكاليف المستهدفة لا يمكن أن تعد بنجاح دون دعم مؤثر من قبل التكاليف المعيارية أو الموازنات التخطيطية، فضلاً عن اعتمادها على بعض أدوات هندسة التكلفة مثل تقنية ضبط الوقت و هندسة القيمة و ضبط الجودة الشاملة، كما يمكن القول دون تجني علي الحقيقة أن التكاليف المستهدفة مازالت تدور فى فلك التكاليف المعيارية، حيث توصف التكاليف المستهدفة بأنها الجهد المبذول لتخفيض التكلفة المعيارية الجارية بشكل متصل و مستقر باستخدام مجهودات التحسين المستمر، لذا فالتحدي الحقيقي للوصول إلى التكاليف المستهدفة يبدأ من الأنشطة الإنتاجية، حيث تتسلم هيئة إدارة التكلفة تقارير الأداء من ملاحظي العمال بعد أن يبدأ الإنتاج بالفعل، حيث يتم فحص الأحداث غير العادية أو العناصر غير المتوقعة وفقاً لمبدأ الإدارة بالاستثناء حتى يمكن إعداد التكاليف المستهدفة، ولاشك أن مناقشة مجالات المشاكل سوف تساعد فى إعداد خطط التحسين اللازمة لتحسين التكلفة.
و يتضح مما تقدم، أن الرقابة الفعالة قد تؤدي إي خفض التكاليف و لكن ليس كل خفض فى التكاليف يكون بسبب الرقابة، فقد يحد الخفض نتيجة استخدام تقنيات حديثة عالية التطور، لذا فالتكاليف المستهدفة تخطط التكلفة و تضبطها بالاستعانة بأدوات هندسة التكلفة بغض خفض التكاليف، أما التكاليف المعيارية فتسعي إلي رقابة التكاليف عن طريق مقارنة الأداء الفعلي ليسير محازياً المخطط فضلاً عن تحدي المعايير ذاتها بقصد تضييقها أو تخفيضها.
ومن هنا يتضح أن التكاليف المستهدفة و المعيارية تسعيان إلي خفض التكاليف كهدف نهائي، ولكن من نقطة بدء مختلفة، فالتكاليف المستهدفة تبدأ من نقطة تخطيط التكلفة فى مرحلة إعادة التصميم و البحوث و التطوير و التكاليف المعيارية تبدأ من رقابة التكاليف و ضبط الأداء الفعلي لكن يظل باستمرار الهدف النهائي لا يتغير و هو خفض التكلفة، لذلك فإن التحسين المستمر أمر ضروري فى كل من التكاليف المستهدفة و المعيارية سواء للمنتجات الجديدة أو القائمة بالفعل.
المصدر: كتاب المحاسبة الإدارية - طبعة 2022 م، تأليف أ.د/ مكرم باسيلي، أ.د/سمير أبو الفتوح - كلية التجارة جامعة المنصورة بمصر.