مبدأ التحقق فى المحاسبة

نتناول فى هذة التدوينة المبدأ الأول من مبادئ المحاسبة وهو مبدأ التحقق Realization principle , نناقش فى الموضوع أهمية مبدأ التحقق وأسس اعتبار الإيرادات محققة بالإضافة الى مظاهر تطبيق مبدأ التحقق ومستقبل مبدأ التحقق .

مبدأ التحقق فى المحاسبة 

مبدأ التحقق فى المحاسبة

أهمية مبدأ التحقق 

من بين أهداف القياس المحاسبي , تحديد أثر العمليات المالية التي حدثت خلال فترة معينة فى صورة نتيجة تعبر عن أرباح أو خسائر , و يستلزم ذلك الأمر تحديد مجموعة من الإيرادات و مجموعة المصروفات التي حدثت خلال نفس الفترة .

و عند تحديد مجموعة الإيرادات ظهر تساؤل أساسي في هذا الشأن مؤداه متى يعتبر الإيراد متحققاً ؟ ومن ثم إمكانية إثباته فى سجلات الوحدة المحاسبية ذلك لأن ظاهرة البيع بالآجل التي ظهرت بعد الثورة الصناعية بصورة كبيرة أدت إلي وجود فاصل زمني بين تاريخ الإنتاج و تاريخ البيع و تاريخ التحصيل .

و عن أهمية هذا الجانب من عمل المحاسبين يوضح البعض
The measurement and timing of revenue are interesting problems of accounting theory
و كان على المحاسبين أختيار بديل مما يلي عند تحديد الإيرادات :-
  • واقعة الإنتاج أو الشراء
  • واقعة البيع
  • واقعة التحصيل
و قد وجدوا فى معظم الأحوال أن الواقعة التي يمكن أعتبار الإيرادات متحقق عندها و ينبغي تسجيلها هي واقعة البيع
ومع ذلك وجد المحاسبون أنه في حالات أخرى  كاستثناء من الأصل_ يناسبها أساس 
الإنتاج أو أساس التحصيل النقدي أو أساس الاستحواذ .
و على ذلك يمكن القول بأن هناك أربعة أسس لاعتبار الإيرادات متحقق هي :

أسس اعتبار الإيرادات محققة

  • أساس الإنتاج Product Basis
  • أساس البيع Sales Basis
  • الأساس النقدي Cash Basis
  • أساس الاستحواذ Holding Basis

و بصفة عامة فى المنشآت التجارية و الصناعية و الخدمية يعتبر أساس البيع هو الأصل فى تحديد تحقيق الإيراد , و ذلك لارتباطه بانتقال الملكية للسلعة , أو الاستحواذ على الخدمة و يجب له سندا في تحرير عقود البيع , ولذلك كان قبول واستمرار هذا الأساس حتى اليوم من جانب المحاسبين .

و مع ذلك ظهر فى المنشآت التي تمارس أنشطة طويلة الأجل كشركات المقاولات حيث الخدمة أو الإنتاج لا يتم انتقالها إلا بعد فترة تزيد فى معظم الأحيان عن السنة المالية , و الانتظار حتي البيع يجعل النتائج المحاسبية غير معبرة تعبيراً صحيحاً عن واقع الأمور , حيث تختص السنوات الأولي بالمصروفات دون الإيرادات و السنة الأخيرة بإيرادات العملية التي تستغرق إنتاجها وقتاً امتد إلى عدد من السنوات السابقة .

و مع هذة الحالة و غيرها من الحالات المشابهة وجد المحاسبون أنه من الأفضل إتباع أساس الإنتاج عند تحديد الإيرادات .

و في حالات أخري مثل حالات البيع بالنقد أو منشآت المهن الحرة وجد أن بيع الخدمة قد يسبق أو يلي دفع المقابل , كما أن عملية دفع المقابل قد تمتد إلي أجل طويل و قد لا تدفع و و في مثل هذة الحالات تبين أن تطبيق أساس البيع لن يعطي نتائج مقبولة , لذا فإن تطبيق الأساس النقدي وجد مجالات للتطبيق فى مثل هذة المنشآت خاصة عند تحديد الإيرادات

أما أساس الاستحواذ فقد أوضح البعض أنه من الواجب و من المقبول ضرورة حساب الإيرادات المرتبطة بالاستحواذ على الأصول قبل التصرف فيها و حساب مكاسب الحيازة ثم تبويبها إلي أرباح حيازة متحققة و أرباح حيازة غير متحققة .

مضمون مبدأ التحقق

و يمكن توضيح مضمون هذا المبدأ بأنه يتم تحديد النقطة أو التاريخ أو الحدث الذي عنده يمكن أعتبار الإيراد متحققاً قابلاً للتسجيل فى السجلات المحاسبية , من بين البدائل المتاحة لذلك .

و قد أهتم المعيار الثامن عشر الصادر عن لجنة معايير المحاسبة الدولية IASC  بتوضيح طبيعة هذا المبدأ على النحو التالي الموجود بالصورة
الاعتراف بالايرادات


فى جميع الأحوال على الشركة أن توضح الأسباب و الظروف التي تأجل فيها الاعتراف بالايراد .

و عن طبيعة هذا فى المعاملات الإسلامية نجد أن البيع ضرورة لتحقق الربح لا لحدوثه و الربح يتولد و لو لم تتم عملية البيع , الربح التقديري يجب أخذه في الحسبان كالربح الحقيقي , ومن هنا لا يصح أن يقال إن الربح ينشأ عند وقع عملية البيع أو عندما تتم عملية البيع إذا فهمناه علي انه نماء , بل يقال أن عملية البيع تظهر حقيقته فقط و العبرة عند التقويم بحدوث الربح لا بظهوره , و إن كان الإسلام منه أن يكون الغرر مبيعا مثل بيع الثمرة قبل بدء صلاحها , بمعني أن تحقق الإيراد بالبيع فى الفقه الإسلامي ضرورة لإمكان توزيع الأرباح و اقتسامها بين الشركاء فى المشروع و ليس ضرورة لقياسه و تولده .

مظاهر تطبيق مبدأ التحقق 

ومن مظاهر تطبيق هذا المبدأ فى الممارسة المحاسبية ما يلي :
1- عدم تسجيل البضاعة المتفق على بيعها كمبيعات مالم تتم عملية البيع الفعلي بموجب اتفاق دونما اهتمام بتسليم البضاعة من عدمه .
2- عدم تسجيل البضاعة المنتجة أو المشتراة و مازالت بدون بيع بسعر السوق عند تقييمها طالما لم يتم بيعها ,(على افتراض أن سعر السوق أعلى).
3- إمكان اعتبار الربح متحققا فى شركات المقاولات عن الجزء الذي تم إنجازه من العملية دون الانتظار لحين إتمام العملية بالكامل .
4- تغليب الأساس النقدي فى تحقق الإيرادات فى المهن الحرة على اعتبار أن التحصيل الفعلي هو الحدث الذي يمكن أخذه فى الاعتبار .
5- إمكان تسجيل الربح المتولد فى الفكر الإسلامي حتى لو لم تتم عملية البيع الفعلي , بشرط إلا يكون غرراً و التحفظ فقط عند بيعه .

مستقبل مبدأ التحقق 

عن مستقبل تطبيق المبدأ يمكن القول بأن هذا المبدأ هو من أقدم المبادئ المحاسبية تطبيقاً , و مع ذلك فإن التطوير فى الممارسة يسير باتجاه الاعتراف بالربح المتولد و أخذه في الحسبان أخذنا بوجهة النظر الإسلامية فى هذا الشأن و كثير من الدراسات الحديثة تنادي بالأخذ بالربح المتولد مما يشير إلي إمكانية تحول المحاسبين مستقبلاً من أساس البيع إلي أساس الإنتاج , و الصعوبة في هذا الاتجاه فى رأيي هي في عدم وجود أساليب كافية لقياس الربح المتولد بالإنتاج حتى الآن .

و فى هذا المجال يهتم كل من مجلس معايير المحاسبة الدولية و مجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكية بتطوير معيار الاعتراف بالإيراد و تركز هذه الهيئات حالياً على مدخل المتغيرات التي تحدث على قيم الأصول و الالتزامات أكثر من الاعتماد على تحقق أو عدم تحقق الإيراد للاعتراف به .

المصدر كتاب نظرية المحاسبة مدخل معاصر للدكتور محمود السيد الناغي .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-