نستعرض في هذا المقال مبدأين من المبادئ المحاسبية مبدأ الموضوعية Objectivity Principles و مبدأ الملائمة في الأتصال عبر توضيح طبيعة ومضمون كل مبدأ فى المحاسبة و مظاهر التطبيق و كذلك مستقبل المبدأ.
طبيعة و مضمون مبدأ الموضوعية
الموضوعية في المعنى العام لها مضمون نسبي و فى المحاسبة يقصد بها خلو القياس من التحيز Free From Bias وذلك عن طريق الإقلال من عنصر التقدير الشخصي بقدر الإمكان المستند إلي انطباعات شخصية قد تختلف عن الواقع، و فى مجال المحاسبة فسر قديما بضرورة وجود مستند لكل عملية مثبتة في السجلات المحاسبية حتى يكون القياس موضوعياً، مع التسليم بضرورة ذلك إلا أنه يمكن القول - فى رأيى - بأنه ليس كل ما فى المستندات يعبر عن الواقع، و ليس كل ما وقع معبر عنه بمستندات.
و يوضح البعض أنه ليس للموضوعية فى مجال العم دلالة واحدة بل تتخذ دلالات متعددة أهمها: الدلالة الاكسيولوجية (أي القيمية) و الدلالة السيكولوجية، والدلالة الثقافية و الدلالة الابستمولوجية.
و السؤال هنا هل افتراض ثبات القوة الشرائية لوحدة النقد يعتبر افتراضاً موضوعياً ؟للرد على ذلك التساؤل نتذكر بداية اتجاه مدخل التكلفة التاريخية و لكن بعد الحرب العالمية الثانية بدأت القوة الشرائية لوحدة النقد تنخفض نتيجة التضخم مما أدى إلى التخلي عن مدخل التكلفة لأن التقارير كانت لا تعبر عن صدق الاعمال، ولعل ظهور المعيار رقم 13 من معايير التقارير المالية الدولية IFRS عن القياس بالقيمة العادلة Fair Value جاء نتيجة لتعاظم الأثر السلبي لتطبيق مدخل التكلفة التاريخية فى الممارسة المحاسبية، و لرفع مستوى الموضوعية في القياس إري تبويب عناصر القوائم المالية فى عنصرين كما يلي :
- عناصر تعبر عن أحداث فعلية بقيم لا خلاف عليها.
- عناصر تعبر عن تقديرات لأثر أحداث مالية.
مظاهر تطبيق الموضوعية فى المحاسبة
عن مظاهر تطبيق هذا المبدأ فى الممارسة المحاسبية ما يلي:
- ظهور تفسيرات كثيرة عما كان عليه الحال فى الماضي فيما يتعلق بالتغيرات في مستوى الأسعار.
- اهتمام المنظمات المهنية باشتراطات معينة فى الإفصاح من خلال القوائم المالية من ذلك النشرة رقم (82) لـ SFAS بالولايات المتحدة قد طلبت من الشركات التي لديها مخزون يزيد عن 125 مليون دولار أو تمتلك أصول تزيد قيمتها الإجمالية عن مليون دولار ضرورة الإفصاح عن معلومات حول التكلفة التجارية.
- اشتراط المنظمات المهنية من المراجع أن يصف فى تقريره فيما إذا كانت القوائم المالية تعطي صورة صادقة و واضحة عن نتائج النشاط و المركز المالي، و فى حالة قيام الشركة باستخدام اتجاه تعديل التكلفة التاريخية، فإن على المراجع أن يفحص الأساليب التي لجأت إليها الشركة فى ذلك، و إبداء رأيه بخصوص تلك القوائم المعدلة لأثر التغير في القوة الشرائية لوحدة النقد.
مستقبل مبدأ الموضوعية
عن مستقبل هذا المبدأ فإن البحث فيه و استمراره جد مهم، وما ينقص الجهود المبذولة حالياً هو التنسيق و الاتفاق على الأمور التي استقرت و الأنتقال إلي الأمور محل الخلاف.
و يلاحظ فى هذا المجال زيادة استخدام القيمة العادلة كأساس لتقدير عن قيم الأصول فى ظل معايير المحاسبة الدولية و الأمريكية و إن كان أوسع فى الأولي حيث تسمح بالقياس العادلة للأصول الثابتة و بعض الحالات للأصول غير الملموسة و في هذا المجال قد تكون العبارة التالية التي وردت فى إصدارت معهد المحاسبين القانونيين بإنجلترا وويلز ما يوضح الأمر
مبدأ الملائمة فى الأتصال
مبدأ الملائمة فى الاتصال Relevance Principle طبيعة و مضمون مبدأ الملاءمة فى الاتصال، مظاهر تطبيق مبدأ الملائمة فى الأتصال.
طبيعة و مضمون مبدأ الملاءمة فى الاتصال
فى السنوات الأخيرة ازدادت حاجة مستخدمي المعلومات المحاسبية و تنوعت، و على المحاسبة أن تساهم باستمرار فى الوفاء بهذه الحاجات عن طريق إدراك طبيعة الاحتياجات والعمل على الإمداد بالمعلومات المناسبة لكل حالة، و قد أدي هذا الأمر بالطبع إلي تعدد التقارير المحاسبية و توقيتها و فى عام 1980 أصدر مجلس معايير المحاسبة المالية FASB نشرة أوضح فيها عناصر هذا المبدأ فى ثلاثة رئيسية هي:
- التوقيت Timeliness بحيث تكون متاحة لمتخذ القرار فى الوقت المناسب.
- القيمة التنبؤية Predictive Value بحيث تكون المعلومات صالحة للاستخدام فى نماذج التنبؤ.
- القيمة التصحيحية بحيث تكون المعلومات صالحة لاستخدامها فى تقييم الأنشطة الماضية و تصحيح التوقعات السابقة، و يجب الإشارة إلي أن العناصر السابقة لهذا المبدأ ليست ثابتة بل متغيرة وفقاً للظروف القائمة، و تحليلات التكلفة و العائد.
و فى رأيي أن نجاح تطبيق هذا المبدأ يعتمد على مدى إدراك المحاسب، عن طبيعة الاحتياجات من المعلومات ومدى كفايتها عن موضوع الإدراك، لأن عدم كفاية المعلومات عن احتياجات المستخدمين قد يؤدي إلي أخطاء فى عملية الإدراك و من ثم فى عمليتي القياس و التوصيل، كما أن الاهتمام ببعض الجوانب فى الموقف المدرك دون الجوانب الأخرى يؤدي إلى أخطاء فى عملية الإدراك ومن ثم فى عمليتي القياس و التوصيل، كما أن الاهتمام ببعض الجوانب فى الموقف المدرك دون الجوانب الأخرى يؤدي إلى أخطاء في عملية الإدراك، ومن هنا فإن عملية الإدراك هي جوهر وأساس النجاح فى تحقيق مبدأ المناسبة أو الملائمة للمعلومات .
مظاهر تطبيق مبدأ الملائمة فى الأتصال
عن مظاهر تطبيق هذا المبدأ فى التوصيل المحاسبي ما يلي:- إظهار العناصر الرئيسية التي تهم قارئ القوائم المالية فى مجموعات خاصة كرأس المال العامل، و حقوق الملكية، و حقوق الغير.
- تقديم قائمة مركز مالي بصورة معدلة إلي أحد البنوك التي تطلب الشركة منه الحصول على قرض، لتبين حجم الضمان، والأصول الأخرى المرهونة و طبيعة الضمان .
- إجراء تحليلات و تفسيرات إضافية عن سنوات ماضية فى شكل جداول مرفقة بالقوائم المالية للاستفادة منها بجانب القوائم الحالية.
- تقديم تقارير خاصة للإهلاك و المصروفات لإدارة الضرائب على الدخل.
مستقبل المبدأ الملائمة فى الأتصال
عن مستقبل هذا المبدأ فان المحاسبة ستتحدد قيمتها مستقبلاً إذا كانت المعلومات التي تنتجها و توصلها إلي المستخدمين مناسبة للوفاء باحتياجاتهم إلي تلك المعلومات، وبقد وفاء المحاسبة بهذا الأمر بقدر ما تتضح أهميتها للمهتمين بمعلوماتها، ومن هنا يجب على المحاسبين و الباحثين إعطاء هذا المبدأ أهمية خاصة.
و يوضح ويجانت و آخرون أن المجلسين الأمريكي و الدولي لمعايير المحاسبة واجها صعوبة فى كيفية المفاضلة بين المعلومات ذات الملائمة العالية و لكن من الصعب التحقق منها فى مقابل المعلومات الأقل ملائمة و لكن من السهل التحقق منها.