نظرية الوكالة ونظرية تكاليف التعاقد

بعد ما تكلمنا فى التدوينة السابقة عن نظرية الملكية المشتركة هنتكلم فى هذه التدوينة عن نظرية الوكالة و نظرية تكاليف التعاقد , بشكل مبسط و سهل و نبدأ..

نظرية الوكالة و نظرية تكاليف التعاقد

نظرية الوكالة 

ترتبط المفاهيم الأساسية لهذه النظرية التي تقوم عليها نظرية المباريات و لكن تختلف عنها فقط فى توصيف طبيعة العلاقات القائمة بين أطراف اللعبة . إذا فى حين تعكس نظرية المباريات سلوك المتبارين غير المتعاونين و تعكس نظرية الوكالة سلوك أطراف متعاونة ترتبط بعضها ببعض ضمن علاقة تعاقدية تكرسها شروط عقد التوظيف المبرم بين ملاك الشركة (المساهمين) من جهة وإدارة الشركة من جهة أخرى .

كذلك ومن جانب آخر توجد قواسم مشتركة بين نظرية الوكالة و النظرية الإيجابية و نظرية القرارات وذلك من حيث تفسير كل منها لسلوك إدارة الشركة فى سعيها لتعظيم مصالحها , لكن مع الإشارة إلي أن نظرية الوكالة تظهر ملامح هذة اللعبة و كأنها بين طرفين أو لاعبين , و ههو ما لا تظهر النظرية الإيجابية أو نظرية القرارات إذ تظهران كأن اللعبة يمارسها لاعب واحد فقط.

و كما يبدو من أسمها تقوم نظرية الوكالة مفهوم الوكالة أي العلاقة التي تنشأ بين طرفين الموكل أو الأصيل أو الرئيس من جهة و الوكيل من جهة آخرى و تحدد هذه العلاقة عادة بموجب شروط عقد صريح أو ضمني يكلف بموجبه الطرف الأول (الموكل) الطرف الثاني (الوكيل ) بالقيام بأنشطة معينة لصالحه كما يفوضه باتخاذ القرارات نيابة عنه . و تعتبر هذه النظرية حديثة العهد نسبياً إذا نشأت خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين و هي نفس الحقبة التي شهدت نشوء نظريات محاسبية أخري مثل نظرية القائد و نظرية المباريات و النظرية الايجابية و غيرها .

و ترتكز هذه النظرية على مجموعة من الفرضيات الأساسية من أهمها :

1- أن كلاً من الموكل و الوكيل شخص أو أشخاص يتميزون بالحصافة و بالوعي . بمعنى أن كلاً من الطرفين يعرف مصلحته و لذت يسعي إلي تعظيم منافعه المتوقعة وهذه المنافع المتوقعة هي التي ستحدد بالتالي تصرفاته و قراراته .

2- تأسيساً على ما تقدم يعمد الوكيل إلي تعظيم منفعته حتى لو كان ذلك على حساب مصلحة الموكل , من هنا سينشأ نوع من تضارب المصالح بينهما مما يوجب وجود شروط محددة فى العقد و ذلك بجانب وجود نظام للحوافز فى المنشأة تضمن تقليص فرص حدوث هذا التعارض إلى حدها الأدنى .

3- كذلك و مع الأعتراف بظهرة تضارب المصالح بين الموكل(المساهمين ) و الوكيل (إدارة الشركة ) إلا أن ذلك يجب أن لا ينفي وجود مصالح مشتركة بينهما تتمحور حول الحرص على استمرارية الشركة و نجاحها . لذا يجب تعزيز هذا الجانب الايجابى و بشكل يعظم منافع الطرفين معاً و ذلك من خلال تضافر جهودهما المشتركة لتحسين نشاط الشركة .
و يترتب على تلك المصالح المشتركة للطرفين بروز موقف مشترك بينهما تجاه المخاطر المحيطة بمستقبل الشركة مما بفرض عليهما تضافر الجهود لتخفيض هذه المخاطر إلى حدها الأدنى .

4- مع أم لكل من الموكل و الوكيل قدراته الخاصة على فهم المعلومات المحاسبية وغيرها من المعلومات الأخرى ذات العلاقة بنشاط الشركة , إلا أن هذه القدرات ليست متكافئة بالضرورة لا بل متفاوتة و تميل الكفة فى معظم الحالات بخصوص هذة المسألة لصالح الوكيل أي الإدارة .

ذلك ما يعطي أهمية خاصة لدور البيانات المالية المدققة و لدور مهنة التدقيق فى توفير عنصر المصداقية لتلك البيانات و تعطي نظرية الوكالة أهمية خاصة لصياغة شروط العقد بين الشركة و الملاك , و ذلك بما يضمن تقليص فرص حدوث التنازع بينهما , فإذا كانت شروط العقد تنص على أن تحديد راتب أو مكافأة المدير ستتم على أساس (صافى الربح) , لذا يجب أن يتوقع الطرف الأخر أي الملاك بأن ذلك المدير وسعياً منه لتعظيم المكافأة سيلجأ إلى استخدام ما بوسعه من وسائل لتضخيم رقم صافي الربح , وعلى هذا الأساس يتوقع من الطرف الأخر ( المالك ) و بأعتباره شخصاً حريصاً على مصالحه أن يتأكد من وجود ضوابط واضحة تحد من الحرية المطلقة للمدير فى هذا المجال .

 و من أهم ما يجب عليه أي المالك التأكد منه ما يلى :
  • أن يكون مثل الطرف الآخر (المدير) على علم بطريقة احتساب صافي الربح .
  • أن يتحقق من أن القوائم المالية للشركة قد تم أعدادها و عرض معلوماتها وفقاً للمبادئ أو المعايير المحاسبية المتعارف عليها , كما أنها دققت أيضا من قبل محاسب قانوني و فقاً لمعايير التدقيق المتعارف عليها , و بأن ذلك المدقق مستقل ومحايد عن ادارة الشركة و بأنه قد أدي واجباته المهنية بما يتفق مع معايير التدقيق و سلوكيات المهنة .
  • أن يتحقق من وجود نظام فعال وكفؤ للرقابة الداخلية فى الشركة وذلك بالإضافة أيضا الى نظام محاسبي فعال وكفؤ.

نظرية تكاليف التعاقد 

هذة النظرية على علاقة وطيدة بنظرية الوكالة و هما معاً يعتبران من أهم ثمار المدخل الايجابي في بناء نظرية المحاسبة .

و تنص هذه النظرية على أن المعلومات المحاسبية هي الوسيلة التي تدعم قدرة العقود فى تخفيض تكاليف الوكالة و التي تنشأ عن تنازع المصالح بين الطرفين المتعاقدين . و من الأمثلة على تنازع المصالح ذلك الذي ينشأ بين حملة السندات من جهة و حملة الأسهم من جهة أخري وذلك فى الشركات المقترضة . ففي أحوال كهذة قد لا تكون القرارات التي تخدم مصالح المساهمين تخدم بالضرورة مصالح حملة السندات , من هنا يتوجب تضمين اتفاقيات القروض شروطاً تحدد قواعد القياس المطلقة فى إعداد القوائم المالية وذلك بقصد جعل هذه القواعد أكثر تحفظاً سعياً وراء تقليص فرص توزيع الأرباح .

بعبارة أخرى تنظر هذه النظرية إلي السياسات المحاسبية باعتبارها وسيلة تمكن الإدارة أن تختار منها السياسات التي تقوم على تعظيم ثروة المنشأة من أجل تعزيز السعر السوقى للسهم .
وفقاً لنظرية تكاليف التعاقد و نظرية الوكالة و معظم النظريات ذات العلاقة بالمدخل الإيجابى تميل الإدارة دائما إلي اختيار السياسات المحاسبية التي تؤدي إلي :
  1. تخفيض أو تأجيل المدفوعات الضريبية .
  2. تخفيض التكاليف التي تترتب على المخاطر السياسية مثل (مخاطر التأميم) .
  3.  تخفيض تكاليف إنتاج المعلومات .
  4. التمشي أو التوافق مع التشريعات و اللوائح الحكومية .
  5. تضخيم صافي الربح الذي بناء عليه يتم تحديد المكافآت.
المصدر : التأصيل النظري لمهنة المحاسبة أ.د/ محمد مطر
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-