تحديد الربح المحاسبي

من المعلوم أن المحاسبة المالية يمكن النظر إليها على أنها منهجاً لقياس وتوصيل البيانات والمعلومات المتعلقة بالمنشأة أو بالوحدة المحاسبية، وذلك بهدف تحديد نتيجة أعمال هذه الوحدة عن فترة مالية معينة، وتحديد مركزها المالي في نهاية هذه الفترة.

ويحكم المحاسبين في عملهم مجموعة من الفروض والمبادئ التي تحكم التطبيق العملي، ومنها: فرض استمرار المشروع، والذي يقضي بأن حياة المشروع مستمرة أو لا نهائية، والذي يتفق مع التوقع الطبيعي لإدارة وأصحاب أي منشأة أعمال، حيث يعتبر احتمال التصفية حالة استثنائية، وقد أكد ظهور شركات المساهمة التي لا ترتبط حياتها بحياة الملاك، سلامة وواقعية هذا الفرض.

تحديد الربح المحاسبي

الربح الحقيقي

 وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر المحاسبية، بشأن تعريف الأرباح وتحديد مفهومها، إلا أنه من المستقر عليه أن الربح الحقيقي الذي حققته أي منشأة أعمال، لا يمكن معرفته على وجه التحديد، إلا بعد انتهاء حياة المنشأة وتصفيتها. حيث تتمثل الأرباح الحقيقية حينئذ في: الزيادة التي تؤول لأصحاب حقوق الملكية بعد التصفية، على ما استثمرته من أموال عند بداية حياة المنشأة. 

فلو افترضنا آن حقوق أصحاب المنشأة (الأصول ـ الخصوم) كانت في بداية حياة المنشأة 120 مليون جنيها، وفي نهاية حياة المنشأة وبعد تصفيتها بلغت حقوق أصحاب المنشأة التي آلت إليهم 190 مليون جنيها، فحينئذ يمكن القول بأن الأرباح الحقيقية التي حققها أصحاب حقوق الملكية تتمثل في 70 مليون جنيه (190 مليون ـ 120 مليون)، وهو يمثل الزيادة التي آلت إليهم بعد التصفية، عما استثمرته في بداية حياة المنشأة. غير أنه في الظروف العادية، لا يفكر أصحاب المنشأة في تصفيتها، بل يفترض أن المنشأة سوف تستمر في متابعة نشاطها الذي قامت من أجله ( فرض استمرار المشروع ). 

تحديد الفترة المالية الدورية 

ولهذا يقسم المحاسبون حياة المنشأة إلى فترات دورية، تسمى كل منها بالفترة المالية أو المحاسبية، وذلك بهدف تحديد النفقات والإيرادات الخاصة بكل فترة، وذلك من أجل إمكانية الوصول إلى نتيجة الأعمال والمركز المالي؛ ومن ثم يمكن قياس ربح كل فترة ماليـة ( وهي عادة إثنا عشر شهراً) والذي يسمى بالربح الدوري أو المددي. ويقاس الربح دوريا ( أي في نهاية كل فترة مالية بشكل متكرر أو دوري ) لعدة أغراض، من أهمها:

أهداف قياس الربح المحاسبي الدوري 

  1. إمكانية تقويم مدى كفاءة إدارة المنشأة، ذلك أن الربح يعتبر بمثابة الأداة الرئيسة، التي يمكن استخدامها في تقدير مدى النجاح الذي حققته الإدارة. كما يمكن استخدام الربح في حساب معدل العائد على الأموال المستثمرة، عن طريق تحديد نسبته إلى إجمالي الأصول المستثمرة. 
  2. تحديد الضرائب المستحقة على المنشأة، والتي تعتمد بصفة رئيسة على مقدار الأرباح التي حققتها المنشأة.
  3. إجراءات التوزيعات على أصحاب الحقوق في المنشأة. وبالرغم من أن هذه التوزيعات تعتمد على عدة عوامل أخرى، إلا أن العامل الأساسي الذي يحددها إنما يتمثل في مبلغ الربح الصافي السنوي.
  4. توفير البيانات اللازمة لإرشاد الدائنين والمستثمرين الحاليين و المستقبليين، في اتخاذ قراراتهم المنطقة بالاستثمار في المنشأة، مهتدين بمبلغ الأرباح التي تحققها، ذلك أن المستثمرين إنما يعتمدون على الربح الذي يحصلون عليه من استثماراتهم، في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية إما بالاستمرار في استثمار أموالهم في المنشأة، أو التحول إلى مجالات استثمار أخرى بديلة، تمكنهم من الحصول على معدلات أرباح أعلى. كما يتخذ الدائنون وبيوت التمويل والمصارف قراراتهم في تمويل المنشأة أو عدم تمويلها، بناءً على رقم الربح، والذي يعتبر مؤشرا ـ بالإضافة إلى المؤشرات الأخرى - على المقدرة الكلية للمنشأة، ومقدرتها على سداد الأموال المستحقة عليها لجهات التمويل والدائنين.

وقد ترتب على فرض استمرار المشروع، الكثير من القواعد والمبادئ المحاسبية والتي تجد مبررها في صحة هذا الفرض، ومن هنا فقد استلزمت ضرورة قياس الربح دوريا، ظهور مبدأ المدة المحاسبية. والذي يقضي بتقسيم حياة المنشأة إلى فترات دورية قصيرة نسبيا، نفاس نتيجة أعمال المنشأة المحققة خلالها، ويقاس المركز المالي في نهايتها، على أن تكون كل فترة من هذه الفترات مستقلة تماما بإيراداتها ونفقاتها عن باقي الفترات، ومن ثم يمكن قياس الربح الخاص بهذه الفترة دون غيرها من الفترات، والذي يطلق عليه الربح الدوري، أو الربح المددي، وفي هذا السياق يصبح من الواجب ضرورة الإلمام والتعرف على كيفية (طرق) قياس الربح المحاسبي الدوري. الإجراءات اللازمة للتطبيق المحاسبي المناسب لمبدأ المدة المحاسبية .


مصدر التدوينة : كتاب قضايا معاصرة فى المراجعة و حوكمة الشركات تأليف كلاً من د/ عبد الله عبد السلام , د/ خالد عبد المنعم (كلية التجارة  - جامعة القاهرة) .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-