نشأة المحاسبة الإجتماعية
و لقد نشأ هذا التطور الحديث نتيجة للازدياد المطرد في حجم وقدرات الوحدات المحاسبية و بصفة خاصة الشركات المساهمة , في الوحدات الاقتصادية المعاصرة لها تأثيرات مالية و اجتماعية واسعة النطاق سواء من وجهة نظر الاقتصاد الوطني فى مجموعة أو من حيث تعدد الأطراف ذوي المصلحة فى تتبع اقتصاديات هذة الوحدة .
علاقة المحاسبة الإجتماعية بالوحدات المحاسبية
فمن المعروف أن الوحدات المحاسبية تؤثر فى مصالح فئات عديدة لعل منها أهمها :
- المستثمرین الحالیین والمرتقبین.
- إدارة المنشأة.
- المقرضین الحالیین المرتقبین.
- الجھات الحكومیة المختلفة.
- العاملین بالوحدة المحاسبیة.
- العملاء ( المستھلكین ).
- الموردین.
ونظرا لاحتمالات تعارض مصالح ھذه الفئات فإنه ھناك انجاه أن یلتزم المحاسب بوجھة النظر الاجتماعیة ، أي أن التقاریر المحاسبیة یجب أن تسلك منھجا شمولیا بحیث تغطي احتیاجات كافة الفئات في المجتمع، والسبب في ذلك ھو تغلیب وجھة نظر معينة فى إنتاج المعلومات على وجهات نظر الفئات الأخرى سوف يعطي ھذه الفئة میزة نسبیة الأمر الذي یؤثر على عدالة توزیع المنافع فیما بین الفئات المكونة للمجتمع.
وعلى ذلك فإنه على المحاسب أن یراعي النفع العام " PUBLIC INTEREST عند إعداد التقاریر المالیة الأمر الذي یتطلب الموازنة بین المنافع المحققة بالنسبة لفئة معینة مع التضحیات ( الأضرار ) التي تتحملھا فئة أو فئات أخرى وبحیث یكون الأثر النھائي في صالح المجتمع بكامله ویعرف ھذا الاتجاه الحدیث بمدخل الرفاهية الاجتماعية " ACCOUNTING SOCIAL WELEFARE THEORY OF وفى بناء نظرية المحاسبة .
الإفصاح بالمحاسبة الإجتماعية
أول ما یتطلبه مدخل الرفاھیة الاجتماعیة ھو التوسع في الإفصاح المحاسبي بغرض تغطیة احتیاجات فئات أخرى خلاف المستثمرین أو الدائنین، ومن ناحیة أخرى یتطلب ھذا المدخل الحدیث إعطاء تفسیرات ومعاني للمفاھیم المحاسبیة المتعددة تختلف عن تلك التي تنتج من الأخذ بوجھة نظر أصحاب المشروع أو وجھة نظر المشروع باعتباره شخصية معنوية مستقلة , فمثلا قد تكون سياسة تثبيت مستوي الدخل INCOME SMOOTHING من السياسات التي تحقق هدفاً اجتماعياً مرغوباً فيه , مثال آخر نجده فى رسملة نفقات البحث و التطوير في ً ً مرغوبا ھدفا اجتماعیا نشاط معین، حیث أن ھذه السیاسة المحاسبیة تؤدي إلى إظھار أرباح عادیة ( إن لم تكون مرتفعة ) في مرحلة الاستكشاف الأمر الذي یشجع على جذب الاستثمارات في ھذه الأنشطة، وعلى ذلك فإذا كانت هذه الأنشطة لها أهمية اجتماعية عالية فان سياسة رسملة نفقات البحث والتطوير تعتبر إجراء محاسبيا مرغوباً فيه من وجهة نظر المجتمع .
و هكذا نجد أن المحاسبة عن المسئولية الاجتماعية تتطلب نموذجاً حسابياً مبنياً على أساس القيم الاجتماعية SOCIAL VALUES السائدة فى الزمان و المكان فهو ايضا اتجاه نفعي و لكن من وجهة نظر أشمل من تلك التي سادت المحاسبة باعتبارها نظاماً للمعلومات المحاسبة للمنشأة .
طبقاً لهذا الاتجاه يتم تفضيل بديل محاسبي معين على بديل آخر أساس آثاره الاقتصادية وليس على أساس آثاره على مصالح فئة معينة من الفئات المستخدمة للتقارير المحاسبية .
ویتطلب نموذج المحاسبة عن المسئولیة الاجتماعیة توسعا المحاسبي وبحیث یمتد لیشمل الآثار الخارجیة لتصرفات الوحدة المحاسبیة، ویقصد بالآثار الخارجیة تلك الآثار التي تتعدى أصحاب المصالح المباشر في الوحدة الاقتصادیة، وتشمل ھذه الآثار الخارجیة فیما یعرف بالتكلفة الاجتماعیة و العائد الاجتماعي ، كما أن النظام المحاسبي الذي يأخذ فى أعتباره الأثار الخارجية يعرف بالمحاسبة الاجتماعية .
المحاسبة الجزئية و المحاسبة الإجتماعية
والمحاسبة عن المسئولیة الاجتماعیة لھا جانب آخر وھو جانب یختص بالعلاقة بین الحسابات على مستوى الوحدة الاقتصادیة أو ما یعرف بالمحاسبة الجزئیة، "MICRO ACCOUNTING " وبین الحسابات على مستوى الاقتصاد الوطني في مجموعة وھو ما یعرف بالمحاسبة الوطنیة إن الأخذ بوجھة نظر الاقتصاد الكلي في حسابات الوحدة الاقتصادیة وبحیث تصبح قابلة للتجمیع للوصول إلى الإجمالیات والمؤشرات الوطنیة ھو جوھر الاھتمام في حالیا بالمحاسبة الوطنیة ( القومیة )، ومما لا شك فیه أن ً الدراسة التي تعرف إعداد الحسابات الكلیة سوف یتطلب الكثیر من الخروج على كثیر من المبادئ ً من وجھة المحاسبیة المتعارف علیھا من وجھة نظر الوحدة الاقتصادیة، فمثلا نظر الاقتصاد القومي الوطني یجب أن یتم تقویم الأصول باستخدام القیم الجاریة وبالتالي ضرورة الاعتراف بتحقیق الأرباح على أساس الإنتاج ولیس على أساس البیع، مثال آخر ھو أنھ یجب أن تفصح الحسابات الختامية للمشروعات عن مقاييس للقيمة المضافة و ليس فقط عن أرقام الربحية الخاصة بأصحاب الاستثمارات , مثال أخر نجده فى أهمية الإفصاح عن الأصول البشرية .
المصدر كتاب نظرية المحاسبة تأليف دكتور يوسف محمود جربوع .